ثقافة في افتتاح مهرجان قرطاج الدولي : حضرت المؤهلات الصوتية وغابت "الفرجة" .. عرض يُسمَع ولا يُرى
13 جويلية 2018، دبت الحياة مجددا بالمسرح الروماني بقرطاج، باعة المشموم يتجولون بملابسهم التقليدية، وعلى يسار باب الكواليس يقف بائع طوابع العصى السحرية وبنفس الاصرار، يطالب جمهور قرطاج بمساعدة المكفوفين، في الساحة انتشرت كالعادة اللافتات الاشهارية .. حراس في استعداد تام لحماية نجوم الدورة 54 من مهرجان قرطاج الدولي، نساء في كامل أناقتهن، حسناوات يوزعن الهدايا على الوافدين، جمهور من مختلف الأعمار والفئات يتسابق قبل انطلاق العرض للفوز بمكان مناسب يمكّنه من متابعة عرض الافتتاح ..
في تمام العاشرة ليلا، ارتفع صوت النشيد الوطني معلنا عن انطلاق سهرة افتتاح الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي لتعتلي الفرقة الوطنية للموسيقى الركح بقيادة المايسترو "محمد الأسود"، يتبعها كل من "زياد غرسة" بلباسه التقليدي وعوده والفنانة التونسية درصاف الحمداني والجزائري عباس الريغي والمغربية عبير والاسبانية "ماريا مارينا".
"من قرطاج الى اشبيلية" عرض حمل جمهور قرطاج في رحلة راوحت بين المالوف والفلامنكو، رحلة العودة من تونس ـ قرطاج إلى إشبيلية ـ الأندلس، رحلة موسيقية لنماذج من المالوف التونسي والجزائري والمغربي والأندلسي، انطلقت من تونس وحطت بإسبانيا مرورا بالجزائر والمغرب.
البداية كانت بمقدمة موسيقية اجتمع فيها كل أنماط المالوف، قبل أن يقدم كل فنان مجموعة من الأغاني بلهجات مختلفة تعبر جميعها عن موروث موسيقي مشترك ، فغنى زياد غرسة وصلات من المالوف التونسي من ألحان والده الراحل الفنان الطاهر غرسة، على غرار“أيها الساقي”، “حبك كم عيارو”. وأدى عباس الريغي أغنية “يا الله يا حمامي”.
كما امتعت عبير العابد جمهور قرطاج بأغنية “ليل عجيب” و“بنت بلادي”،وأدّت الفنانة المغربية الأغنية الشعبية “على وحيدة” للفنان الراحل سامي المغربي. وتفاعل الجمهور مع درصاف الحمداني في أغنية “ما أحلى ليالي اشبيلية”.، قبل أن تشنف الفنانة الاسبانية ماريا مارينا الاذان بايقاعات الفلامنكو وتقدم "تارارز"، " لتنتهي السهرة بأداء جماعي لأغنية "سمراء يا سمراء" للفنان التونسي "الهادي الجويني".
ولئن تجاوز عرض “من قرطاج إلى اشبيلية” الحدود الجغرافية، حاملا الجمهور في رحلة موسيقية جابت تونس والجزائر والمغرب وصولا الى اسبانيا عبر تمازج موسيقي لنماذج مختلفة من المالوف، رحلة أكدت أن الإرث الموسيقي المشترك يمثل جسر تواصل يجمع مختلف الثقافات، فإن هذا العرض غابت عنه الرؤية الاخراجية والتصوّر الركحي، فباستثناء مرافقة راقصتين لوصلتي الجزائري "عباس الريغي" والإسبانية "ماريا مارينا"، لم نشاهد أي اجتهاد على الركح فغابت الفرجة والابداع ولعل عدم التعويل على مخرج أفقد العرض بريقه، حيث غابت الكوريغرافيا والمؤثرات الضوئية وكل ما من شأنه أن يشدّ الأنظار ويجذب الاهتمام، فكان عرض " من قرطاج الى اشبيلية" مجرد استعراض للمؤهلات الصوتية لكل فنان غاب عنه الابداع، ببساطة عرض تسمعه ولا تراه ..
* الموعد القادم في الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي سيكون مع نجم الكوميديا الفرنسي من أصل مغربي "جمال دبوز" في سهرة الاثنين 16 جويلية 2018 انطلاقا من العاشرة ليلا بالمسرح الروماني بقرطاج.
سناء الماجري